قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بصرهم قصور صغير الكواكب، رقي النظر إلى أكبر منه، فسبب عن الإعراض عن الكواكب لقصوره قولَه :﴿فلما رأى القمر بازغاً﴾ أي طالعاً أول طلوعه ؛ قال الأزهري : كأنه مأخوذ من البزغ الذي هو الشق، كأنه بنوره يشق الظلمة شقاً ﴿قال هذا ربي﴾ دأبَه في الأولى.
ولما كان تأمل أن الكوكب محل الحوادث بالأفول قد طرق أسماعهم فخالج صدورهم، قال :﴿فلما أفل قال﴾ مؤكداً غاية التأكيد ﴿لئن لم يهدني ربي﴾ أي الذي قدر على الإحسان إليّ بالإيجاد والتربية لكونه لا يتغير ولا شريك له بخلق الهداية في قلبي، فدل ذلك على أن الهداية ليست إلى غيره، ولا تحمل على نصب الأدلة، لأنها منصوبة قبل ذلك، ولا على معرفة الاستدلال فإنه عارف به ﴿لأكونن﴾ أي بعبادة غيره ﴿من القوم الضالين﴾ فكانت هذه أشد من الأولى وأقرب إلى التصريح بنفي الربوبية عن الكواكب وإثبات أن الرب غيرها، مع الملاطفة وإبعاد الخصم عما يوجب عناده. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٦٠﴾

فصل


قال الفخر :
يقال : بزغ القمر إذا ابتدأ في الطلوع، وبزغت الشمس إذا بدأ منها طلوع.
ونجوم بوازغ.
قال الأزهري : كأنه مأخوذ في البزغ وهو الشق كأنه بنوره يشق الظلمة شقاً، ومعنى الآية أنه اعتبر في القمر مثل ما اعتبر في الكوكب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٦﴾

فصل


قال الفخر :
دل قوله :﴿لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين﴾ على أن الهداية ليست إلا من الله تعالى.
ولا يمكن حمل لفظ الهداية على التمكن وإزاحة الأعذار ونصب الدلائل.
لأن كل ذلك كان حاصلاً، فالهداية التي كان يطلبها بعد حصول تلك الأشياء لا بد وأن تكون زائدة عليها.
واعلم أن كون إبراهيم عليه السلام على مذهبنا أظهر من أن يشتبه على العاقل لأنه في هذه الآية أضاف الهداية إلى الله تعالى، وكذا في قوله :﴿الذى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ وكذا في قوله :﴿واجنبنى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٦﴾


الصفحة التالية
Icon