قوله تعالى ﴿ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (١٠٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الحبيب أسر شيء بما يزيده حبيبه، قال مسلياً له ﷺ عن استهزائهم به وردهم لقوله، عاطفاً على ما تقديره : فلو شاء الله ما خالفوك ولا تكلموا فيك ببنت شفة :﴿ولو شاء الله ما أشركوا﴾ أي ما وقع منهم إشراك أصلاً، فقد أراد لك من الوقوع فيك ما أراده لنفسه، فليكن لك في ذلك مسلاة.
ولما كان التقدير : فإنه سبحانه حفيظ عليهم، عطف عليه قوله :﴿وما جعلناك﴾ أي بعظمتنا، وأشار إلى أن العلو ليس بغير الله سبحانه فقال :﴿عليهم حفيظاً﴾ أي تحفظ أعمالهم لئلا يكون منها ما لا يرضينا فتردهم عنه قسراً ﴿وما أنت﴾ وقدم ما هو أعم من نفي التحقق بالعلو المحيط القاهر الذي هو خاص بالإله فقال :﴿عليهم بوكيل﴾ أي فتأخذ الحق منهم قهراً، وتعاملهم بما يستحقونه خيراً أو شراً، إنما أنت مبلغ عنا، ثم الأمر في هدايتهم وإضلالهم إلينا.
ولما طال التنفير عما اتخذ من دونه من الأنداد والبنات، لأنها أقل من ذلك وأحقر، كان ذلك ربما كان داعية إلى سبها، فنهى عنه لمفسدة يجرها السب كبيرة جداً، فقال عاطفاً على قوله ﴿وأعرض عن المشركين﴾ غير مواجه له وحده ﷺ إكراماً له. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٩٣﴾
فصل
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَلَوْ شَاء الله مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جعلناك عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴾.
اعلم أن هذا الكلام أيضاً متعلق بقولهم للرسول عليه السلام إنما جمعت هذا القرآن من مدارسة الناس ومذاكرتهم، فكأنه تعالى يقول له لا تلتفت إلى سفاهات هؤلاء الكفار، ولا يثقلن عليك كفرهم، فإني لو أردت إزالة الكفر عنهم لقدرت، ولكني تركتهم مع كفرهم، فلا ينبغي أن تشغل قلبك بكلماتهم.