قوله تعالى ﴿ ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (١٣١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر سبحانه إقامة الحجة على الكافر في المعاد بالرسل عليهم السلام، علل إرسالهم ترغيباً وحثاً في اتباعهم في أيام المهلة بعد ترهيب، وتنبيهاً وإرشاداً في صادع تخويف وتأديب فقال :﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الجدوى هو أن أرسلنا الرسل ﴿أن﴾ أي لأجل أنه ﴿لم يكن ربك﴾ أي المحسن إليك بتشريف قومك ﴿مهلك﴾ أي ثابتاً إهلاكه ﴿القرى بظلم﴾ أي بسبب ظلم ارتكبوه ﴿وأهلها غافلون﴾ أي غريقون في الغفلة عما يجب عليهم مما لا تستقل به عقولهم، أي بما ركب فيهم من الشهوات وغلب عليهم من اللذات، فأوقف عقولهم عن نافذ المعرفة بما يراد بهم، فأرسلنا إليهم الرسل حتى أيقظوهم من رقدتهم وأنبهوهم من غفلتهم، فصار تعذيبهم بعد تكذيبهم هو الحق الواجب والعدل الصائب، ويجوز أن يكون المعنى : مهلكهم ظالماً، فيكون المنفي من الظلم كالمنفي في قوله تعالى ﴿وما ربك بظلام للعبيد﴾ [ فاطر : ٤٦ ] وعلى الأول المنفي ظلمهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧١٨﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بين أنه ما عذب الكفار إلا بعد أن بعث إليهم الأنبياء والرسل بين بهذه الآية أن هذا هو العدل والحق والواجب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٦١﴾


الصفحة التالية
Icon