قوله تعالى ﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (١٣٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تقرر أن له الوصفين الملزومين للقدرة، أنتج ذلك قوله جواباً لاستعجالهم بالعذاب استهزاء :﴿إن ما توعدون﴾ أي من البعث وغيره ﴿لآت﴾ أي لا بد من وقوعه لأن المتوعد لا يبدل القول لديه ولا كفوء له يعارضه فيه ﴿وما أنتم بمعجزين﴾ أي بثابت لكم الإتيان بشيء يعجز عنه الخصم، فتمهد الأمر من جهته ومن جهتكم لوجود المقتضي وانتفاء المانع، وفي ذلك تقرير لأمر رحمته لأن القادر إذا اراد النقمة أخذ على غرة ولم يهدد، وإذا أراد الرحمة تقدم بالوعيد ليحذر الفائزون ويستسلم الخاسرون. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧١٩﴾

فصل


قال الفخر :
﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لآتٍ﴾
قال الحسن : أي من مجيء الساعة، لأنهم كانوا ينكرون القيامة، وأقول فيه احتمال آخر : وهو أن الوعد مخصوص بالإخبار عن الثواب، وأما الوعيد فهو مخصوص بالإخبار عن العقاب فقوله :﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لآتٍ﴾ يعني كل ما تعلق بالوعد بالثواب فهو آت لا محالة، فتخصيص الوعد بهذا الجزم يدل على أن جانب الوعيد ليس كذلك ويقوي هذا الوجه آخر الآية، وهو أنه قال :﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ يعني لا تخرجون عن قدرتنا وحكمنا، فالحاصل أنه لما ذكر الوعد جزم بكونه آتياً، ولما ذكر الوعيد، ما زاد على قوله :﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ وذلك يدل على أن جانب الرحمة والإحسان غالب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٦٦﴾


الصفحة التالية
Icon