قوله تعالى ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تضمن قوله افتراء عليه افتراء على الله والتعبير في ذلك كله بالاسم الأعظم أن كون التحريم ليس إلاّ من الله أمر معلوم ليس موضعاً للشك لأنه الملك الأعظم ولا حكم لغير الملك، ومن حكم عن غير أمره عذب ؛ حسن بعد إبطال دينهم والبيان لأن من حرم شيئاً بالتشهي مضل وظالم قولُه مبيناً البيان الصحيح لما يحل ويحرم جواباً لمن يقول : فما الذي حرمه سبحانه وما الذي أحله :﴿قل﴾ معلماً بأن التحريم لا يثبت إلاّ بوحي من الله ﴿لآ أجد﴾ أي الآن ولا فيما يستقبل من الزمان، فإن " لا " كلمة لا تدخل على مضارع إلاّ وهو بمعنى الاستقبال ﴿في مآ ﴾.
ولما كان ما آتاه ﷺ قد ثبت بعجزهم عن معارضته أنه من الله، بني للمفعول قوله :﴿أوحي إليّ﴾ أي من القرآن والسنة شيئاً مما تقدم مما حرمتموه مطلقاً أو على حال دون حال وعلى ناس دون آخرين طعاماً ﴿محرماً على طاعم﴾ أيّ طاعم كان من ذكر أو أنثى ﴿يطعمه﴾ أي يتناوله أكلاً وشرباً أو دواء أو غير ذلك ﴿إلا أن يكون﴾ أي ذلك الطعام ﴿ميتة﴾ أي شرعاً، والميتة الشرعية هي ما لا يقبل التذكية، وهو كل ما زالت حياته بغير ذكاة شرعية ﴿أو دماً مسفوحاً﴾ أي مراقاً من شأنه السيلان لا من شأنه الجمود كالكبد والطحال.