قوله تعالى ﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) ﴾

فصل


قال الفخر :
﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ﴾ قال أهل اللغة : الدعوى اسم يقوم مقام الادعاء، ومقام الدعاء.
حكى سيبويه : اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين، ودعوى المسلمين.
قال ابن عباس : فما كان تضرعهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين فأقروا على أنفسهم بالشرك.
قال ابن الأنباري : فما كان قولهم إذ جاءهم بأسنا إلا الاعتراف بالظلم والإقرار بالإساءة وقوله :﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ الاختيار عند النحويين أن يكون موضع أن رفعاً بكان ويكون قوله :﴿دَعْوَاهُمْ﴾ نصباً كقوله :﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ [ النمل : ٥٦ ] وقوله :﴿فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِى النار﴾ [ الحشر : ١٧ ] وقوله :﴿مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن﴾ [ الجاثية : ٢٥ ] قال ويجوز أن يكون أيضاً على الضد من هذا بأن يكون الدعوى رفعاً، و﴿أن قالوا﴾ نصباً كقوله تعالى :﴿لَّيْسَ البر أَن تُوَلُّواْ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ] على قراءة من رفع البر، والأصل في هذا الباب أنه إذا حصل بعد كلمة كان معرفتان فأنت بالخيار في رفع أيهما شئت، وفي نصب الآخر كقولك كان زيد أخاك وإن شئت كان زيداً أخوك.
قال الزجاج : إلا أن الاختيار إذا جعلنا قوله :﴿دَعْوَاهُمْ﴾ في موضع رفع أن يقول :﴿فَمَا كَانْ دَعْوَاهُمْ﴾ فلما قال : كان دل على أن الدعوى في موضع نصب، ويمكن أن يجاب عنه بأنه يجوز تذكير الدعوى، وإن كانت رفعاً فتقول : كان دعواه باطلاً، وباطلة، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٩﴾


الصفحة التالية
Icon