قوله تعالى ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان استشراف النفس إلى السؤال عما يكون بعد حين المستقر والمتاع أشد من استشرافها إلى هذا لكونه أخفى منه، فهو أبعد من خطوره في البال ؛ قدم قوله :﴿قال فيها تحيون﴾ [ الأعراف : ٢٥ ] ولما كان ذكر الدواء لداء هتك السوءة أهم قدم ﴿أنزلنا عليكم لباساً﴾ [ الأعراف : ٢٦ ] ثم ما بعده حتى كان الأنسب بهذه الاية هذا الموضع فنظمت فيه.
ولما تقدمت الإشارة إلى الحث على اتباع الرسل بآيات المقصد الأول من مقاصد هذه السورة كقوله تعالى ﴿كتاب أنزل إليك﴾ [ الأعراف : ٢ ] و﴿لتنذر﴾ [ الأعراف : ٢ ] و﴿اتبعوا ما أنزل إليكم﴾ [ الأعراف : ٣ ] وقوله ﴿فلنسئلن الذين أرسل إليهم﴾ [ الأعراف : ٦ ] وقوله ﴿قل أمر ربي بالقسط﴾ [ الأعراف : ٢٩ ]، ﴿إنما حرم ربي الفواحش﴾ [ الأعراف : ٣٣ ] والتحذير من الشياطين بقوله ﴿ولا تتبعوا من دونه أولياء﴾ [ الأعراف : ٣ ] وبقوله ﴿لأقعدن لهم صراطك المستقيم﴾ [ الأعراف : ١٦ ]، ﴿لا يفتننكم الشيطان﴾ [ الأعراف : ٢٧ ] وغيره، فتحرر أنه لا سبيل إلى النجاة إلا بالرسل، وختم ذلك بالأحل حثاً على العمل في أيام المهلة ؛ أتبع ذلك قوله حاثاً على التعلق بأسباب النجاة باتباع الدعاة الهداة قبل الفوت بحادث الموت ببيان الجزاء لمن احسن الاتباع في الدارين ﴿يا بني آدم ﴾.