قوله تعالى ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تسبب عن عنادهم إهلاكهم وإنجاؤه، وكان الإعلام بإنجائه - مع كونه يفهم إهلاكهم - أهم، قال :﴿فأنجيناه وأهله﴾ أي من أطاعه ﴿إلا امرأته﴾ ولما كان كأنه قيل : ما لها؟ قال :﴿كانت من الغابرين﴾ أي الباقين الذين لحقتهم بالعذاب العبرة والتذكير إشارة إلى أنها أصابها مثل عذاب الرجال سواء، لم تنقص عنهم لأنها كانت كافرة مثلهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٦٤﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن قوله ﴿فأنجيناه وَأَهْلَهُ﴾ يحتمل أن يكون المراد من أهله أنصاره وأتباعه الذين قبلوا دينه ويحتمل أن يكون المراد المتصلين به بالنسب.
قال ابن عباس : المراد ابنتاه.
وقوله :﴿إِلاَّ امرأته﴾ أي زوجته.
يقال : امرأة الرجل بمعنى زوجته.
ويقال : رجل المرأة بمعنى زوجها لأن الزوج بمنزلة المالك لها، وليست المرأة بمنزلة المالك للرجل، فإذا أضيفت إلى الرجل بالاسم العام، عرفت الزوجية.
وملك النكاح، والرجل إذا أضيف إلى المرأة بالاسم العام، تعرف الزوجية.
وقوله :﴿كَانَتْ مِنَ الغابرين﴾ يقال : غبر الشيء يغبر غبوراً، إذا مكث وبقي.
قال الهذلي :
فغبرت بعدهم بعيش ناصب.. وإخال أني لاحق مستتبع
يعني بقيت فمعنى الآية : أنها كانت من الغابرين عن النجاة أي من الذين بقوا عنها ولم يدركوا النجاة يقال فلان غبر هذا الأمر أي لم يدركه، ويجوز أن يكون المراد أنها لم تسر مع لوط وأهله، بل تخلفت عنه وبقيت في ذلك الموضع الذي هو موضع العذاب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٣٩ ـ ١٤٠﴾