قوله تعالى ﴿ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما حذرهم وخامة الفساد الذي نهاهم عنه، وعلق انتهاءهم عنه بوصف الإيمان، رجع إلى قسم ما شرط به الانتهاء عن الإفساد فقال :﴿وإن كان طائفة منكم﴾ أي جماعة فيهم كثرة بحيث يتحلقون بمن يريدون ﴿آمنوا بالذي أرسلت به﴾ وبناه للمفعول إشارة إلى أن الفاعل معروف بما تقدم من السياق، وأنه صار بحيث لا يتطرق إليه شك لما نصب من الدلالات ﴿وطائفة﴾ أي منكم ﴿لم يؤمنوا﴾ أي بالذي أرسلني به من أيدني بما عملتم من البينات، وحذرهم سطوته بقوله :﴿فاصبروا﴾ أي أيها الفريقان ﴿حتى يحكم الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿بيننا﴾ أي بين فريقنا بإعزاز المصلح وإهلاك المفسد كما أجرى بذلك عادته ﴿وهو﴾ أي الحال أنه ﴿خير الحاكمين﴾ لأنه يفصل النزاع على أتم وجه وأحكمه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٦٧ ـ ٦٨﴾
فصل
قال الفخر :
ثم قال :﴿وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مّنكُمْ ءامَنُواْ بالذى أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فاصبروا﴾
والمقصود منه تسلية قلوب المؤمنين وزجر من لم يؤمن، لأن قوله :﴿فاصبروا﴾ تهديد، وكذلك قوله :﴿حتى يَحْكُمَ الله بَيْنَنَا﴾ والمراد إعلاء درجات المؤمنين، وإظهار هوان الكافرين، وهذه الحالة قد تظهر في الدنيا فإن لم تظهر في الدنيا فلا بد من ظهورها في الآخرة.
ثم قال :﴿وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين﴾ يعني أنه حاكم منزه عن الجور والميل والحيف، فلا بد وأن يخص المؤمن التقي بالدرجات العالية، والكافر الشقي بأنواع العقوبات، ونظيره قوله :﴿أَمْ نَجْعَلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِى الأرض﴾ [ ص : ٢٨ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٤٣ ـ ١٤٤﴾