قوله تعالى ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كانوا قد ضلوا ضلالاً بعيداً في غلطهم في جعلهم السراء والضراء سبباً للأمن من مكر الله، قال منكراً عليهم أمنهم عاطفاً له على ﴿كذبوا﴾ لأنه سبب الغلط وهو سبب الأمن فقال :﴿أفأمن أهل القرى﴾ أي كذبوا ناسين أفعالنا المرهبة بالمضارّ والمرغبة بالمسارّ فأمنوا ﴿أن يأتيهم بأسنا﴾ أي الناشىء عما لنا من العظمة التي لا ينساها إلا خاسر ﴿بياتاً﴾ أي ليلاً وهم قد أخذوا الراحة في بيوتهم، ولما كان النوم شيئاً واحداً يغمر الحواس فيقتضي الاستقرار، عبر بالاسم الدالّ على الثبات فقال :﴿وهم نائمون﴾ أي على غاية الغفلة عنه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٧٤﴾

فصل


قال الفخر :
ثم إنه تعالى أعاد التهديد بعذاب الاستئصال فقال :﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى﴾ وهو استفهام بمعنى الإنكار عليهم، والمقصود أنه تعالى خوفهم بنزول ذلك العذاب عليهم في الوقت الذي يكونون فيه في غاية الغفلة، وهو حال النوم بالليل، وحال الضحى بالنهار ؛ لأنه الوقت الذي يغلب على المرء التشاغل باللذات فيه.
وقوله :﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ يحتمل التشاغل بأمور الدنيا، فهي لعب ولهو، ويحتمل خوضهم في كفرهم، لأن ذلك كاللعب في أنه لا يضر ولا ينفع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٥١﴾


الصفحة التالية
Icon