قوله تعالى ﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) ﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما كان كأنه قيل : فعلى أيّ شيء استقر رأيهم؟ فقيل : على تاخير الأمر إلى حشر السحرة للمعارضة، أخبر تعالى، دلالة على أن أصل قول الملأ منه، أنهم أقبلوا عليه مخاطبين له ملفتين من أبلغهم عنه تعظيماً له مسندين الأمر إليه بقوله :﴿قالوا﴾ أي الملأ لفرعون بعدما استقر في أذهانهم ما نصبوه إليه من الإرادة ﴿أرجه﴾ أي موسى عليه السلام ﴿وأخاه﴾ أي أخرهما تنفيساً لنا من هذا الخناق إلى وقت ما حتى ننظر في أمرهما ﴿وأرسل في المدائن﴾ أي من ملك مصر ﴿حاشرين﴾ يحشرون لك السحرة ويجمعونهم من كل فج عميق، والحشر : الجمع بكره ﴿يأتوك بكل﴾ ولما كانت دلالة السياق على رغب فرعون أقل مما في الشعراء لما اقتضاه الحال في كل منهما، قرأ الجمهور :﴿ساحر عليم﴾ أي بالغ العلم في السحر، وفي قراءة حمزه والكسائي ﴿سحار﴾ زيادة مبالغة أيضاً لما رأوا من قلق فرعون في الجملة، وهذا يدل على أن السحرة كانوا في ذلك الزمان عندهم في غاية الكثرة، ويدل على أن في طبع الناس المعارضة، فمهما أمكنت بطلت دعوى النبوة، وإذا تعذرت صحت الدعوى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٨١ ـ ٨٢﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ نافع والكسائي ﴿أَرْجِهْ﴾ بغير همز وكسر الهاء والإشباع، وقرأ عاصم وحمزة ﴿أَرْجِهْ﴾ بغير الهمز وسكون الهاء.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمر ﴿وأرجئه﴾ بالهمز وضم الهاء، ثم أن ابن كثير أشبع الهاء على أصله والباقون لا يشبعون.
قال الواحدي : رحمه الله ﴿قَالُواْ أَرْجِهْ﴾ مهموز وغير مهموز لغتان يقال أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته، ومنه قوله تعالى :﴿وَءاخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾ [ التوبة : ١٠٦ ] ﴿ترجي مَن تَشَاء﴾ [ الأحزاب : ٥١ ] قرىء في الآيتين باللغتين، وأما قراءة عاصم وحمزة بغير الهمز، وسكون الهاء فقال الفراء : هي لغة العرب يقفون على الهاء المكني عنها في الوصل إذا تحرك ما قبلها وأنشد.


الصفحة التالية
Icon