قوله تعالى ﴿ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تشوف السامع إلى ما كان من جوابهم، أشار تعالى أن قلقهم كان وصل إلى حد لا صبر معه بقوله مستأنفاً :﴿قالوا﴾ ولما كان الموجع هو الأذى، لا كونه من معين، بنوا للمفعول قولهم :﴿أوذينا﴾ أي بالقتل والاستعباد.
ولما كان أذاهم غير مستغرق للزمان، أثبتوا الجارّ فقالوا :﴿من قبل أن تأتينا﴾ أي كما تعلم ﴿ومن بعد ما جئتنا﴾ أي فما الذي أفادنا مجيئك ﴿قال﴾ مسلياً لهم وداعياً ومرجياً بما رمز إليه من قبل ﴿عسى ربكم﴾ أي الذي أحسن إلى آبائكم بما تعرفون وإليكم بإرسالي إليكم ﴿أن يهلك عدوكم﴾ فلا يهولنكم ما ترون ﴿ويستخلفكم﴾ أي ويوجد خلافتكم لهم متمكنين، لا يحكم عليكم غيركم ﴿في الأرض﴾ أي جنسها إن كنتم متقين ؛ ثم سبب عن الاستخلاف قوله مذكراً لهم محذراً من سطواته سبحانه :﴿فينظر﴾ أي وأنتم خلفاء متمكنون ﴿كيف تعملون﴾ أي يعاملكم معاملة المختبر وهو في الأزل أعلم بما تعملون منكم بعد إيقاعكم للأعمال، ولكنه يفعل ذلك لتقوم الحجة عليكم على مجاري عاداتكم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٨٨﴾


الصفحة التالية
Icon