قوله تعالى ﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما منعه الرؤية بعد طلبه إياها، وقابل ذلك بمحاسن الأفعال والأقوال، تشوف السامع إلى ما قوبل به من الإكرام، فاستأنف سبحانه الإخبار بما منحه به تسلية له عما منعه وأمراً بشكره بقوله :﴿قال يا موسى﴾ مذكراً له نعمه في سياق دال على عظيم قدرها وإيجاب شكرها مسقطاً عنه مظهر العظمة تأنيساً له ورفقاً به - ﴿إني اصطفيتك﴾ أي اخترتك اختياراً بالغاً كما يختار ما يصفى من الشيء عن كل دنس ﴿على الناس﴾ أي الذين في زمانك ﴿رسالاتي﴾ أي الآيات المستكثرة التي أظهرتها وأظهرها على يديك من أسفار التوارة وغيرها ﴿وبكلامي﴾ أي من غير واسطة وكأنه أعاد حرف الجر للتنبيه على ذلك، كما اصطفى محمداً ( ﷺ ) على الناس عامة في كل زمان برسالته العامة وبكلامه المعجز وبتكليمه من غير واسطة في السماء التي قدست دائماً ونزهت عن التدنيس بمعصية.
ولما كان ذلك مقتضياً لغاية الإقبال والنشاط، سبب عنه قوله :﴿فخذ ما آتيتك﴾ آي مخصصاً لك به ﴿وكن من الشاكرين﴾ أي العريقين في صفة الشكر المجبولين عليها. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١٠٩ ـ ١١٠﴾


الصفحة التالية
Icon