قوله تعالى ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
وكأن المصرين هم الذين قتلوا لما أمرهم موسى عليه السلام بقتل أنفسهم، فلما أهلك المصرّ وتاب الباقي، وصحت براءة أخية وبقاؤه على رتبته من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاجتهاد في أمر الله، زال موجب الغضب فأخبر سبحانه عما يعقبه فقال :﴿ولما سكت﴾ أي كف، شبه الغضب بمتكلم كان يحث موسى عليه السلام ويغريه على ما يوجبه ويقتضيه، فلما شفى غيظه سكن وقطع كلامه فخلفه ضده وهوالرضى ﴿عن موسى الغضب﴾ وهو غليان القلب بما يتأذى به النفس ﴿أخذ الألواح﴾ أي التي جاء بها من عند الله بعدما ألقاها ﴿وفي﴾ أي والحال أنه في ﴿نسختها﴾ أي الأمر المكتوب فيها، فعلة بمعنى مفعولة، وعن ابن عباس أنه لما ألقاها صام - مثل ما كان صام للمناجاة - أربعين يوماً أخرى، فردت عليه في لوحين مكان ما تكسر.
﴿هدى﴾ أي شيء موضح للمقاصد ﴿ورحمة﴾ أي سبب للإكرام ﴿للذين هم لربهم﴾ أي لا لغيره ﴿يرهبون﴾ أي هم أهل لأن يخافوا خوفاً عظيماً مقطعاً للقلوب موجباً للهرب ويستمرون على ذلك.