قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين حال الهادين المهديين، وكان أصل السياق الضالين المضلين، أتبعه بقية الحديث عنهم على وجه ملوح بأن علة الهداية التوفيق، فقال عاطفاً على تقديره : فنحن نعلي أمرهم ونطيب ذكرهم :﴿والذين كذبوا﴾ أي نسبوا الرسل إلى الكذب بسبب إتيانهم ﴿بآياتنا﴾ على ما يشاهد من عظمتها ﴿سنستدرجهم﴾ أي نستنزلهم ونستدنيهم بوعد لا خلف فيه إلى ما نريد بهم من الشر العظيم درجة درجة بسبب أنهم كلما أحدثوا جريمة أسبغنا عليهم نعمة، وإذا عملوا طاعة قصرنا عنهم في الإنعام، أو ضربناهم بسوط الانتقام، فيظنون أن المعاصي سبب النعم فينسلخون من الدين، ولذلك قال :﴿من حيث لا يعلمون﴾ أي فيرتكبون ما يتعجب من مداناته فضلاً عن مباشرته ومعاناته من له أدنى بصيرة حتى يكمل ما نريد منهم من المعاصي، وهو من أدلة ﴿سأصرف عن آياتي﴾ وأتى في الاستدراج بأداة العظمة وفي الإملاء بضمير الواحد فقال ﴿وأملي لهم﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١٦١﴾