قوله تعالى ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما لانوا بهذا الخطاب، وأقبلوا على الملك التواب، أقبل عليهم فقال :﴿وإذ﴾ أي اذكروا هذا الذي ذكره الله لكم وقد كان حالكم فيه ما ذكره، ثم أفضى إلى سعادة عظيمة وعز لا يشبهه عز، واذكروا إذ ﴿يعدكم الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال ﴿إحدى الطائفتين﴾ : العير أو النفير، وأبدل من الإحدى - ليكون الوعد بها مكرراً - قوله :﴿أنها لكم﴾ أي فتكرهون لقاء ذات الشوكة ﴿وتودون﴾ أي والحال أنكم تحبون محبة عظيمة ﴿أن غير ذات الشوكة﴾ أي السلاح والقتال والكفاح الذي به تعرف الأبطال ويميز بين الرجال من ذوات الحجال ﴿تكون لكم﴾ أي العير لكونها لم يكن فيها إلا ناس قليل، يقال : إنهم أربعون رجلاً، جهلاً منكم بالعواقب، ثم تبين لكم أن ما فعله الله خير لكم بما لا يبلغ كنهه، فسلموا له الأمر في السر والجهر تنالوا الغنى والنصر، وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير العاصمي في مناسبة تعقيب الأعراف بهذه السورة ومناسبة آخر تلك لأول هذه ما نصه : لما قصَّ سبحانه على نبيه ـ ﷺ ـ في سوة الأعراف أخبار الأمم، وقطع المؤمنون من مجموع ذلك بأنه لا يكون الهدى إلا بسابقة السعادة، لافتتاح السورة من ذكر الأشقياء بقصة إبليس وختمها بقصة بلعام، وكلاهما كفر على علم ولم ينفعه ما قد كان حصل عليه، ونبه تعالى عباده على الباب الذي أتى منه على بلعام بقوله سبحانه ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فأشار سبحانه إلى أن اتباع الأهواء أضل كل ضلال، نبهوا على ما فيه الحزم من ترك الأهواء جملة فقال تعالى ﴿يسألونك عن الأنفال﴾ [ الأنفال : ١ ] الآية، فكان قد قيل لهم : اتركوا ما ترون أنه حق واجب لكم، وفوضوا في أمره لله وللرسول، فذلك أسلم لكم وأحزم في ردع أغراضكم وقمع شهواتكم وترك أمور ربكم وقد ألف في هذه الشريعة السمحة البيضاء حسم الذرائع كثيراً وإقامة مظنة الشيء مقامه كتحريم الجرعة من الخمر والقطرة، والخطبة في العدة واعتداد النوم


الصفحة التالية
Icon