قوله تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ثم علل تسليطهم عليهم بقوله :﴿ذلك﴾ أي التسليط العظيم، وأخبر عنه بقوله :﴿بأنهم﴾ أي الذي تلبسوا الآن بالكفر ولو كانوا ممن يقضي بايمانه بعد ﴿شاقوا الله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا يطاق انتقامه ﴿ورسوله﴾ أي طلبوا أن يكونوا بمخالفة الأوامر والنواهي في شق غير الذي فيه حزب الهدى في مكر منهم وخداع، وشاقوه باشتهار السيف جهراً - ثم بين ما لفاعل ذلك، فقال عاطفاً على تقديره : فمن شاق الله ورسوله فافعلوا به ذلك، فإني فاعل به ما فعلت بهؤلاء، وأظهر الإدغام في المضارع لأن القصة للعرب وأمرهم في عداوتهم كان بعد الهجرة شديداً ومجاهرة، وأدغم في الماضي لأن ما مضى قبلها كان ما بين مساترة بالمماكرة ومجاهرة بالمقاهرة، وعبر بالمضارع ندباً إلى التوبة بتقييد الوعيد بالاستمرار، وأدغم في الحشر في الموضعين لأن القصة لليهود وأمرهم كان ضعيفاً ومساترة في مماكرة :﴿ومن يشاقق الله﴾ أي الذي له الأمر كله فلا أمر لأحد معه ويشاقه سراً أو جهراً ﴿ورسوله﴾ بأن يكون في شق غير الشق الذي يرضيانه ﴿فإن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿شديد العقاب﴾ أي له هذه الصفة، فليتوقع مشاققه عذابه، فالآية من الاحتباك : ذكر الفعل المدغم أولاً دليل على حذف المظهر ثانياً، والمظهر ثانياً على حذف المدغم أولاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon