قوله تعالى ﴿ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما نفى أيمانهم بنفي إيمانهم، شرع يقيم الدليل على ذلك بأمور ارتكبوها، كل منها بسبب باعث على الإقدام عليهم، ويحث على قتالهم في صورة تعجيب ممن يتواني فيه فقال :﴿ألا﴾ وهو حرف عرض، ومعناه هنا الحض لدخول همزة الإنكار على النافي فنفته فصار مدخولها مثبتاً على سبيل الحث عليه فهو ابلغ مما لو أثبت بغير هذا الأسلوب ﴿تقاتلون قوماً﴾ أي وإن كانوا ذوي منعة عظيمة ﴿نكثوا أيمانهم﴾ أي في قصة عاصم وأصحابه والمنذر وأصحابه والإعانة على خزاعة وغير ذلك، فكان النكث لهم عادة وخلقاً، وهذا يدل على أن قتال الناكثين أولى من قتال غيرهم ليكون ذلك زاجراً عن النقض، وكانت قصة خزاعة أنه كان بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة قتل في الجاهلية، وكانت خزاعة قد دخلت في عهد النبي ـ ﷺ ـ بالحديبية لما كان لهم فيه من المحبة من مسلمهم وكافرهم لما بينهم من الحلف - كما تقدم آخر الأنفال، ودخلت بنو بكر في عهد قريش فمرت على ذلك مدة، ثم إن أنس بن زنيم الديلي هجا رسول الله ـ ﷺ ـ فسمعه غلام من خزاعة فوقع به فشجه فخرج إلى قومه فأراهم شجته فثار الشر مع ما كان بينهم، وما تطلب بنو بكر من خزاعة من دمائها، فكلمت بنو نفاثة من بني بكر أشراف قريش فوجدوا القوم إلى ذلك سراعاً فأعانوهم بالسلاح والكراع والرجال، فخرج نوفل بن معاوية الديلي وهو يومئذ قائدهم ؛ قال ابن إسحاق : وليس كل بني بكر بايعه - وقال الواقدي : واعتزلت بنو مدلج فلم ينقضوا العهد - حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم، فأصابوا منهم رجلاً وتجاوزوا واقتتلوا وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفياً متنكرين منتقبين : صفوان بن أمية ومكرز بن حفص بن الأخيف وحويطب بن عبد العزى وعكرمة بن أبي جهل وأجلبوا معهم أرقاءهم، وكانت خزاعة آمنة لمكان العهد والموادعة.