قوله تعالى ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر أنه معل لقوله ومكمل، ومبطل لقولهم مسفل، علل ذلك بما حاصله أنه شأن الملوك، وهو أنهم إذا برز لهم أمر شيء لم يرضوا أن يرده أحد فإن ذلك روح الملك الذي لا يجازي الطاعن فيه إلا بالهلك فقال :﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي أرسل رسوله﴾ أي محمداً ـ ﷺ ـ ﴿بالهدى﴾ أي لبيان الشافي بالمعجزات القولية والفعلية ﴿ودين الحق﴾ أي الكامل في بيانه وثباته كمالاً ظاهراً لكل عاقل ؛ ثم زادهم جرأة على العدو بقوله معللاً لإرساله :﴿ليظهره﴾ أي الرسول ـ ﷺ ـ والدين - أدام الله ظهوره ﴿على الدين كله﴾ وساق ذلك كله مساق الجواب لمن كأنه قال : كيف نقاتلهم وهم في الكثرة والقوة على ما لا يخفي؟ فقال : لم لا تقاتلونهم وأنتم لا تعتمدون على أحد غير من كل شيء تحت قهره، وهم إنما يعتمدون على مخاليق مثلكم، كيف لا تجسرون عليهم وهم في قتالكم إنما يقاتلون ربهم الذي أنتم في طاعته؟ أم كيف لا تصادمونهم وهو الذي أمركم بقتالهم لينصركم ويظهر آياته؟ ولعل الختم بقوله :﴿ولو كره المشركون﴾ أبلغ لأن الكفر قد لا يكون فيه عناد، والشرك مبناه على العناد باتخاذ الأنداد، أي لا بد من نصركم خالف من خالف مجرد مخالفة أو ضم إلى ذلك العناد بالاستعانة بمن أراد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٠٤﴾


الصفحة التالية