قوله تعالى ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما قرر حال من يتخلف عن الجهاد، وربما بذل ماله فيه افتداء لسفره، شرع في ذكر من يشاركه في الإنفاق والنفاق ويخالفه فقال :﴿ومنهم من يلمزك﴾ أي يعيبك عند مشاكليه على طريق الملازمة في ستر وخفاء أو تظاهر وقلة حياء ﴿في الصدقات﴾ أي اللاتي تؤتيها لأتباعك، ولما أخبر عن اللمز، أخبر أنه لحظ نفسه لا للدين فقال :﴿فإن أعطوا منها رضوا﴾ أي عنك ﴿وإن لم يعطوا منها﴾ فاجؤوا السخط الذي يتجدد في كل لحظة ولم يتخلفوا عنه أصلاً، وعبر عن ذلك بقوله :﴿إذا هم يسخطون﴾ فوافقوا الأولين في جعل الدنيا همهم، وخالفوهم في أن أولئك أنفقوا ليتمتعوا بالتخلف وهؤلاء طلبوا ليتنعموا بنفس المال الذي يأخذونه ؛ قيل : إنها نزلت في ذي الخويصرة لما قال للنبي ـ ﷺ ـ وهو يقسم غنائم حنين : اعدل يامحمد! فإني لم أرك تعدل، فقال له النبي ـ ﷺ ـ :" ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟ " وسيأتي حديثة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٣٥﴾