قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر عن لمزهم في الصدقات وقرر ما هو خير لهم إرشاداً إلى النجاة، علل فعل رسول الله ـ ﷺ ـ فيها وبين أنه لا يفعل غيره لأنه الحق الذي لا يجوز في شرعه الأكمل غيره لمزوا أو تركوا زهدوا أو رغبوا فقال معبراً بأداة القصر على ما ذكر :﴿إنما الصدقات﴾ أي هذا الجنس بجميع ما صدق من أفراده، والظاهر أنه قدم الأهم فالأهم، فلذا قال الشافعي : إن الفقير أشدهم حاجة لكونه ابتدأ به، فقال :﴿للفقراء﴾ أي الذين لا شيء لهم أو لهم شيء يقع موقعاً من كفايتهم ﴿والمساكين﴾ أي الذين لا كفاية لهم بدليل ﴿أما السفينة﴾ [ الكهف : ٧٩ ] وأما ﴿مسكيناً ذا متربة﴾ [ البلد : ١٦ ] فتقييده دل على أن المطلق بخلافه ﴿والعاملين عليها﴾ أي المؤتمنين في السعاية والولاية على جمعها ﴿والمؤلفة قلوبهم﴾ أي ليسلموا أو يسلم بسببهم غيرهم أو يثبتوا على إسلامهم ؛ روى البخاري في التفسير وغيره عن أبي سعيد ـ رضى الله عنهم ـ قال :" بعث إلى النبي ـ ﷺ ـ بشيء فقسمه بين أربعة وقال : أتألفهم، فقال رجل : ما عدلت! فقال : يخرج من ضئضىء هذا قوم يمرقون من الدين.
وفي رواية : فاستأذنه رجل في ضرب عنقه فقال : لا، دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم - الحديث.
ولئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " ولا يقال : إن العلة مقتضية لقتلهم لا للكف عنهم فإن عمله بالمقام الخضري - كما تقدم - أنه ما من كرامة لنبي إلا وله ـ ﷺ ـ مثلها أو أعلى منها بنفسه أو بأحد من أمته.


الصفحة التالية
Icon