قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿فلما آتاهم﴾ وكرر قوله :﴿من فضله﴾ تقريراً لما قاله المعاهد تأكيداً للإعلام بأنه لا حق عليه لأحد ولا صنع فيما ينعم به ولا قدرة عليه بوجه ﴿بخلوا به﴾ أي كذبوا فيما عاهدوا عليه وأكدوه غاية التأكيد، فلم يتصدقوا بل منعوا الحق الواجب إظهاره فضلاً عن صدقة السر ﴿وتولوا﴾ أي كلفوا أنفسهم الإعراض عن الطاعة لمن تفضل عليهم مع معرفتهم بقبح نقض العهد ؛ ولما كان التولي قد يحمل على ما بالجسد فقط قال :﴿وهم معرضون﴾ أي بقلوبهم، والإعراض وصف لهم لازم لم يتجدد لهم، بل كان غريزة فيهم ونحن عالمون بها من حين أوقعوا العهد ؛ قال أبو حيان : قال الضحاك : هم نبتل ابن الحارث وجد بن قيس ومعتب بن قشير وثعلبة بن حاطب وفيهم نزلت الآية - انتهى.
وحسن تعقيبها بها أيضاً أن في الأولى كفران نعمة الغني من غير عهد، وفي هذه كفرانها مع العهد فهو ترق من الأدنى إلى الأعلى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٦٣ ـ ٣٦٤﴾