قوله تعالى ﴿ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان ابن أبيّ سبب النهي عن الاستغفار لهم، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله من خيار المؤمنين وخلص المحسنين وكان لبعض المنافقين أبناء مثله، وكان من طبع البشر أن يذكر في كثير من مقاله غلطاً ما يندم عليه، وكان شديد الوقوف لما حف به من العلائق البدنية وشمله من العوائق بالأوهام النفسانية مع أوهامه وعوائقه قاصراً على قيوده وعلائقه، فكان لإعادة الكلام وتكريره وترديده ومزيد تقريره تأكيد في النفوس وتعزية وتثبيت في القلوب، كرر آية الإعجاب لهذه الأسباب لأن يكون حكمها على بال من المخاطب لا ينساه لاعتقاد أن العمل به مهم جداً يفتقر إلى فضل عناية، وأن ذلك شبيه بما أوهم صاحبه فهو يتكلم فيه ثم ينتقل إلى غيره لغرض صحيح ثم يرجع إليه في أثناء حديثة لشدة اهتمامه به تنبيهاً على ذلك، ولا يرجع إليه إلا على غاية ما يكون من حسن الربط وبراعة التناسب، وعطفها بالواو دون الفاء لأن ذلك ليس مسبباً عما قبله كما سبق في الآية الأولى، أي لا تستغفر لهم ولا تصل عليهم ولا تعجبك قولهم : مستعطفين لك في طلب محبتك وإن زخرفوه وأكدوه بالأيمان التي اتخذوها جنة ﴿ولا تعجبك أموالهم﴾ وأسند النهي إليها إبلاغاً فيه.