قوله تعالى ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان من القاعدين من أهل المدر والوبر من له عذر، استثناهم سبحانه وساق ذلك مساق النتيحة من المقدمات الظاهرة فقال :﴿ليس على الضعفاء﴾ أي بنحو الهرم ﴿ولا على المرضى﴾ أي بنحو الحمى والرمد ﴿ولا على الذين لا يجدون﴾ ولو بدين يؤدونه في المستقبل ﴿ما ينفقون﴾ أي لحاجتهم وفقرهم ﴿حرج﴾ أي إثم يميل بهم عن الصراط المستقيم ويخرج دينهم.
ولما كان ربما كان أحد من المنافقين بهذ الصفة احترز عنه بقوله :﴿إذا نصحوا﴾ أي في تخلفهم وجميع أحوالهم ﴿لله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام ﴿ورسوله﴾ أي سراً وعلانية، فإنهم حيئنذ محسنون في نصحهم الذي منه تحسرهم على القعود على هذا الوجه وعزمهم على الخروج متى قدروا، وقوله :﴿ما على المحسنين﴾ في موضع " ما عليهم " لبيان إحسانهم بنصحهم مع عذرهم ﴿من سبيل﴾ أي طريق إلى ذمهم أو لومهم، والجملة كلها بيان لـ ﴿نصحوا لله ورسوله﴾ وقوله :﴿والله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿غفور﴾ أي محاء للذنوب ﴿رحيم﴾ أي محسن مجمل إشارة إلى أن الإنسان محل التقصير والعجز وإن اجتهد، لا يسعه إلا العفو. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٧٤﴾