قوله تعالى ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما قرر سبحانه هذه الآيات التي حذر فيها من أنواع الآفات، بين أن الدار التي رضوا بها وأطمأنوا إليها دار المصائب ومعدن الهلكات والمعاطب وأنها ظل زائل تحذيراً منها وتنفيراً عنها، بين تعالى أن الدار التي دعا إليها سالمة من كل نصب وهم ووصب، ثابته بلا زوال، فقال تعالى عاطفاً على قوله ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض﴾ ترغيباً في الآخرة وحثاً عيها :﴿والله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام ﴿يدعوا﴾ أي يعلق دعاءه على سبيل التجدد والاستمرار بالمدعوين ﴿إلى دار السلام﴾ عن قتادة أنه سبحانه أضافها إلى اسمه تعظيماً لها وترغيباً فيها، يعني بأناه لا عطب فيها أصلاً، والسلامة فيها دائمة، والسلام فيها فاش من بعضهم على بعض ومن الملائكة وغيرهم ؛ والدعاء : طلب الفعل بما يقع لأجله، والدواعي إلى الفعل خلاف الصوارف عنه.
ولما أعلم - بالدعوة بالهداية بالبيان وأفهم ختم الآية بقوله :﴿ويهدي من يشاء﴾ أي بما يخلق في قلبه من الهداية ﴿إلى صراط مستقيم﴾ أن من الناس من يهديه ومنهم من يضله.
وأن الكل فاعلون لما يشاء - كان موضع أن يقال : هل هم واحد في جزائه كما هم واحد في الانقياد لمراده؟ فقيل : لا، بل هم فريقان :﴿للذين أحسنوا﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٤٣٤﴾


الصفحة التالية
Icon