قوله تعالى ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿للذين أحسنوا﴾ أي الأعمال في الدنيا منهم وهم من هداه ﴿الحسنى﴾ أي الخصلة التي هي في غاية الحسن من الجزاء ﴿وزيادة﴾ أي عظيمة من فضل الله فالناس : مزيد خرجت هدايته من الجهاد ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ]، ومراد خرجت هدايته من المشيئة، فالدعوة إلى الجنة بالبيان عامة، والهداية إلى الصراط خاصة لأنها الطريق إلى المنعم.
ولما كان النعيم لا يتم إلاّ بالدوام بالأمن من المضار قال :﴿ولا يرهق﴾ أي يغشي ويلحق ﴿وجوههم قتر﴾ أي غبرة كغبره الموت وكربة، وهو تغير في الوجه معه سواد وعبوسة تركبهما غلبة ﴿ولا ذلة﴾ أي كآبة وكسوف يظهر منه الانكسار والهوان.
ولما كان هذا واضحاً في أنهم أهل السعادة، وصل به قوله :﴿أولئك﴾ أي العالو الرتبة ﴿أصحاب الجنة﴾ ولما كانت الصحبة جديرة بالملازمة، صرح بها في قوله :﴿هم﴾ أي لا غيرهم ﴿فيها﴾ أي خاصة ﴿خالدون﴾ أي مقيمون لا يبرحون، لأنهم لا يريدون ذلك لطيبها ولا يراد بهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٤٣٤﴾