قوله تعالى ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين سبحانه مآل الفريقين، نبه على بعض مقدمات ذلك المانعة أن يشفع أحد من غير إذنه بقوله :﴿ويوم﴾ أي وفرقنا بينهم لأنه لا أنساب هناك ولا أسباب فلا تناصر يوم ﴿نحشرهم﴾ أي الفريقين : الناجين والهالكين العابدين منهم والمعبودين حال كونهم ﴿جميعاً﴾ ثم يقطع ما بين المشركين وشركائهم فلا يشفع فيهم شيء مما يعتقدون شفاعته ولا ينفعهم بنافعة، بل يظهرون الخصومة ويبارزون بالعداوة وهو ناظر إلى قوله تعالى ﴿إنه يبدأ الخلق ثم يعيده﴾ [ يونس : ٤ ] وإلى قوله ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم﴾ [ يونس : ١٨ ] والحشر : الجمع بكره من كل جانب إلى موقف واحد ؛ وأشار سبحانه إلى طول وقوفهم بقوله :﴿ثم نقول للذين أشركوا﴾ أي بنا من لم يشارك في خلقهم ؛ وقوله :﴿مكانكم﴾ نقل أبو حيان عن النحوين أنهم جعلوه اسماً لأثبتوا، ورد على الزمخشري تقديره بألزموا لأنه متعد ويجب أن يساوي بين الاسم والمسمى في التعدي واللزوم، أي نقول لهم : قفوا وقوف الذل ﴿أنتم وشركآؤكم﴾ حتى ينفذ فيكم أمرنا إظهار لضعف معبوداتهم التي كانوا يترجونها وتحسيراً لهم، فلا يمكنهم مخالفة ذلك.