قوله تعالى ﴿ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿وأن أقم﴾ أي أيها الرسول ﴿وجهك﴾ أي كليتك على سبيل الإخلاص الذي لا شوب فيه ﴿للدين﴾ فوصل أولاً كلمه " أن " بمعنى الأمر أي ﴿أن أكون﴾ دون " أكن " وثانياً بلفظه وهو ﴿أقم﴾ جمعاً بين الأسلوبين، وكلاهما بمعنى المصدر، وخص الثاني بذلك لطوله لأنه كالتفصيل للأول فالخطاب فيه أوكد وألذ، وقوله :﴿حنيفاً﴾ حال من فاعل " أقم " ومعناه : مسلماً ميالاً مع الدليل - كما أوضحته في البقرة، أي أجمع بين الإيمان بالقلب والإسلام بالجوارح ﴿ولا تكونن﴾ أي في وقت من الأوقات ﴿من المشركين﴾ الذين هم على ضد صفة الإسلام من الجفاء والغلظة والجمود والقسوة.
ولما نهاه عن الشرك، أكده بما هو كالتعليل له بما يلزمه من العبث بالخضوع لما لا ضر فيه ولا نفع بقوله تعالى :﴿ولا تدع﴾ أي في رتبة من الرتب الكائنة ﴿من دون الله﴾ أي الذي بيده كل شيء ﴿ما لا ينفعك﴾ أي إن فعلت شيئاً من ذلك فأتاك بأسنا ﴿ولا يضرك﴾ أي إن أقمت على طاعتنا مع نصرنا ﴿فإن فعلت﴾ أي شيئاً مما نهيناك عنه ﴿فإنك إذاً﴾ إذا دعوت ذلك الغير بسبب ذلك ﴿من الظالمين﴾ أي العريقين في وضع الدعوة في غير محلها لأن ما هو كذلك في غاية البعد عن منصب الإلهية. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٤٩٤ ـ ٤٩٥﴾


الصفحة التالية
Icon