قوله تعالى ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تقدم أنه نذير وبشير.
أتبع ذلك بما يشمل الأمرين بقوله عطفاً على ﴿ألا تعبدوا﴾ مشيراً إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره :﴿وأن استغفروا ربكم﴾ أي اطلبوا مع الإخلاص في العبادة أن يغفر لكم المحسن إليكم ما فرطتم فيه ؛ وأشار بأداة التراخي إلى علو رتبة التوبة وأن لا سبيل إلى طلب الغفران إلا بها فقال :﴿ثم توبوا إليه﴾ أي ارجعوا بالظاهر والباطن رجوعاً لا رجعة فيه وإن كان المراد بها الدوام فجليل رتبته غير خفي ﴿يمتعكم﴾ أي يمد في تلذيذكم بالعيش مداً، من متع النهار : ارتفع، والضحى : بلغ غايته، وأمتعه الله بكذا : أبقاه وأنشأه إلى أن يبلغ شبابه ؛ ولما، كان التمتيع - وهو المتاع البالغ فيه حتى لا يكون فيه كدر - لا يكون إلا في الجنة فلذلك جعل المصدر ﴿متاعاً﴾ وأنه وضع موضع " تمتيعاً "، هذا المصدر ووصفه بقوله :﴿حسناً﴾ ليدل على أنه أنهى ما يليق بهذه الدار، ولقد كان ما أوتيه الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ م في زمن عمر ـ رضى الله عنهم ـ من الظفر بالإهداء وسعة الدنيا ورغد العيش كذلك ﴿إلى﴾ أي ممتداً إلى ﴿أجل مسمى﴾ أي في علمه إما بالموت لكل واحد أو بانقضاء ما ضربه من الأجل للنعمة التي أشار إليها ﴿ويؤت كل ذي فضل﴾ أي عمل فاضل ﴿فضله﴾ أي جزاء ما قصد بعمله على وجه التفضيل منه سبحانه فإنه لا يجب لأحد عليه شيء، وهو مع ذلك على حسب التفضيل : الحسنة بعشرة أمثالها ؛ قال ابن مسعود : وهلك من غلبت آحاده عشراته.