قوله تعالى ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (٢٨) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان ختام جوابهم أشده، بدأ في جوابه برده مبيناً لضلالاتهم مغضياً عن شناعاتهم شفقة عليهم ومحبة لنجاتهم، فقال تعالى حكاية عنه :﴿قال يا قوم﴾ وشرع يكرر هذه اللفظة كل قليل تذكيراً لهم أنه منهم لتعطفهم الأرحام وتردهم القرابات عن حسد أو اتهامه إلى قبول ما يلقي إليهم من الكلام، وأشار بأداة البعد - مع قربهم - إلى مباعدتهم فيما يقتضي غاية القرب ﴿أرأيتم﴾ أي أخبروني ﴿إن كنت﴾ على سبيل الفرض منكم والتقدير ﴿على بينة﴾ أي برهان ساطع، وزاد ترغيباً فيه بقوله :﴿من ربي﴾ أي الذي أوجدني وأحسن إليّ بالرسالة وغيرها يشهد بصحة دعواي شهادة لا يتطرق إليها عند المنصف شبهة فكيف بالظن! ﴿وآتاني﴾ فضلاً منه عليّ لا لمعنى فيّ أزيد عليكم به، بل ﴿رحمة﴾ أي إكراماً بالرسالة بعد النبوة، وعظمها بقوله :﴿من عنده﴾ فيها فضل عظيم النور واضح الظهور.


الصفحة التالية
Icon