قوله تعالى ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تمت هذه القصة علىلنحو الوافي ببيان اجتهاد نوح علبه السلام في إبلاغ الإنذار من غير مراعاة إقبال ولا إدبار، وكانت مع ذلك دالة على علم تام واطلاع على دقائق لا سبيل إليها إلا من جهة الملك العلام، فهي على إزالة اللبس عن أمره ـ ﷺ ـ أوضح من الشمس، قال تعالى منبهاً على ذلك :﴿تلك﴾ أي هذه الأنباء البديعة الشأن الغريبة الأمر البعيدة عن طوق المعارض، العلية الرتب عن يد المتناول ﴿من أنباء الغيب﴾ أي أخباره العظيمة، ثم أشار إلى أنه لا يزال يجدد له أمثالها بالمضارع في قوله :﴿نوحيها إليك﴾ فكأنه قيل : إن بعض أهل الكتاب يعلم بعض تفاصيلها، فأشار إلى أن ذلك مجموعة غيب وبما يعلمونه غيب نسبي بقوله :﴿ما كنت تعلمها﴾ أي على هذا التفصيل ﴿أنت﴾ ولما كان خفاءها عن قومه دليلاً على خفائها عنه لأنه لم يخالط غيرهم قال :﴿ولا قومك﴾ أي وإن كانوا أهل قوة في القيام على ما يحاولونه وعدداً كثيراً، ومنهم من يكتب ويخالط العلماء.