قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين تحتمه وحكمته، بين إمكانه ويسره عليه وخفته لديه، فقال تعالى :﴿إنما قولنا﴾ أي بما من العظمة ﴿لشيء﴾ إبداء وإعادة ﴿إذا أردناه﴾ أي أردنا كونه ﴿أن نقول له﴾ ثم ذكر محكى القول النفسي فقال - بانياً من " كان " التامة ما دل على موافقة الأشياء المرادة موافقة المأمور للآمر المطاع - :﴿كن﴾ أي أحدث ﴿فيكون﴾ أي فيتسبب عن ذلك القول أنه يكون حين تعلق القدرة به من غير مهلة أصلاً، فنحن خلقنا الخلق لنأمرهم وننهاهم.
ولما كان التقدير تفصيلاً لفريقي المبين لهم وترغيباً في الهجرة لأنها بعد الإيمان أوثق عرى الإسلام : فالذين كفروا واغتروا بما شاهدوه من العرض الفاني لنخزينهم في الدنيا والآخرة ولنجازينهم بجميع ما كانوا يعملون، عطف عليه قوله تعالى :﴿والذين هاجروا﴾ أي أوقعوا المهاجرة فراراً بدينهم فهجروا آباءهم وأبناءهم وأقاربهم من الكفار وديارهم وجميع ما نهوا عنه ﴿في الله﴾ أي الملك الأعلى الذي له صفات الكمال، بعدما " تمادى " المكذبون بالبعث على إيذائهم، فتركوا لهم بلادهم.