قوله تعالى ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان التوحيد أعظم المأمورات، وكان العصيان فيه أعظم العصيان، وكان سبحانه قد أكثر التخويف من عصيانه، أبلغ الأمر إلى نهايته بالإخبار بأن الملائكة تخافه، وكان الملائكة من أعظم الموحدين، كما كانوا من أعظم الساجدين، من أهل السماوات والأرضين، وكانت هذه الآيات من أعظم أدلة التوحيد، أتبعها - عطفاً على ﴿وأنزل إليك الذكر﴾ ليتظافر على ذلك أدلة العقل والنقل وتسليكاً بأحوال الملائكة - قوله تعالى :﴿وقال الله﴾ فعبر لأجل تعظيم المقام بالاسم الأعظم الخاص الذي بنيت عليه السورة :﴿لا تتخذوا﴾ أي لا تكلفوا فطركم الأولى السليمة المجبولة على معرفة أن الإله واحد إلى أن تأخذ في اعتقادها ﴿إلهين﴾ ويجوز أن يكون معطوفاً على ما علم من المقدمات المذكورة أول السورة إلى قوله :﴿وما يشعرون أيان يبعثون﴾ من النتيجة وهي ﴿إلهكم إله واحد﴾ لاحتمال أن يقول متعنت : إنه لم يأمرنا بذلك وإن دلت عليه الأدلة، ويجوز وهو أقرب - أن يعطف على قوله :﴿وقال الذين أشركوا﴾ تبكيتاً لهم بأنهم احتجوا بحكمه، ولم يبادروا إلى امتثال أمره.