قوله تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما وعد بعد أن توعد، أتبعه ما يبين أن ذلك لا يخص شريفاً ولا وضيعاً، وإنما هو دائر مع الوصف الذي رمز إليه فيما مضى بالعدل تارة، وبالعهد أخرى، وهو الإيمان، فقال تعالى جواباً لمن كأنه قال : هذا خاص بأحد دون أحد، مرغباً في عموم شرائع الإسلام :﴿من عمل صالحاً﴾ ولما كانت عامة، وكانت ربما خصت الذكور، بين المراد من عمومها بقوله تعالى :﴿من ذكر أو أنثى﴾ فعم ثم قيد مشيراً بالإفراد إلى قلة الراسخين بقوله تعالى :﴿وهو مؤمن ﴾.
ولما كان الإنسان كلما علا في درج الإيمان، كان جديراً بالبلاء والامتحان، بين تعالى أن ذلك لا ينافي سعادته، ولذلك أكد قوله :﴿فلنحيينه﴾ دفعاً لما يتوهمه المستدرجون بما يعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ﴿حياة طيبة﴾ أي في الدنيا بما نؤتيه من ثبات القدم، وطهارة الشيم ﴿ولنجزينهم﴾ كلهم ﴿أجرهم﴾ في الدنيا والآخرة ﴿بأحسن ما كانوا﴾ أي كوناً جبلياً ﴿يعملون﴾ قال العلماء ـ رضى الله عنهم ـ م : المطيع في عيشه هنيئة، إن كان موسراً فلا كلام فيه، وإن كان معسراً فبالقناعة والرضى بحكم النفس المطمئنة، والفاجر بالعكس، إن كان معسراً فواضح، وإن كان موسراً فحرصه لا يدعه يتهنأ فهو لا يزال في عيشة ضنك.