قوله تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (٣٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أتم سبحانه ما أراد من الوصية بالأصول وما تبع ذلك، وختمه بما قرر من أن قبض الرزق وبسطه منه من غير أن ينفع في ذلك حيلة، أوصاهم بالفروع، لكونهم في غاية الضعف وكانوا يقتلون بناتهم خوف الفقر، وكان اسم البنت قد صار عندهم لطول ما استهجنوه موجباً للقسوة، فقال في النهي عن ذلك مواجهاً لهم، إعلاماً ببعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن هذا الخلق قبل الإسلام وبعده :﴿ولا تقتلوا أولادكم﴾ معبراً بلفظ الولد هو داعية إلى الحنو والعطف ﴿خشية إملاق﴾ أي فقر متوقع لم يقع بعد ؛ ثم وصل بذلك استئنافاً قوله :﴿نحن نرزقهم وإياكم﴾ مقدماً ضمير الأولاد لكون الإملاق مترقباً من الإنفاق عليهم غير حاصل في حال القتل، بخلاف آية الأنعام فإن سياقها يدل على أن الإملاق حاصل عند القتل، والقتل للعجز عن الإنفاق، ثم علل ذلك بما هو أعم منه فقال تعالى :﴿إن قتلهم﴾ أي مطلقاً لهذا أو غيره ﴿كان خطأً﴾ أي إثماً ﴿كبيراً﴾ قال الرماني : والخطأ - أي بكسر ثم سكون - لا يكون إلا تعمداً إلى خلاف الصواب، والخطأ - أي محركاً - قد يكون من غير تعمد.