قوله تعالى ﴿ طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (٤) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم ) الواسع الحلم التام القدرة ( الله ) الملك الأعظم
( الرحمن ) الذي استوى في أصل نعمته جميع خلقه ( الرحيم ) الذي أتم النعمة على أهل توفيقه ولطفه
﴿طه﴾ أي تخلص بالغ من كل ما يخشى وظهر عظيم وطيب منتشر في كل قطر إلى نهاية الوطن الذي هو التاسع، ممن له الإحاطة التامة بكل غيب، وإليه يرجع الأمر كله، كما اجتمعت أسماؤه كلها في غيب هو الذي جعل العزة للمهتدين والهدى للمتقين.
هذه السورة والتي قبلها من أقدم السور المكية، قال هشام في تهذيب السيرة : قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أم سلمة بنت أم أمية بن المغيرة زوج النبي ـ ﷺ ـ قال : قالت : لما نزلنا بأرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي، أمنا على ديننا وعبدنا الله تبارك وتعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشاً ائتمروا بينهم.
فذكر إرسالهم إليه بهدايا ليردهم إليه، وأن بطارقته كلموه في ذلك، وأنه أبى حتى يسمع كلامهم، وأنه طلبهم فأجمع أمرهم على أن يقولوا الحق كائناً فيه ما كان، فدخلوا وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله فقال لهم : ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم ولم تدخلوا به في دين أحد من هذه الملل.


الصفحة التالية
Icon