قوله تعالى ﴿ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الملك لا ينتظم غاية الانتظام إلا بإحاطة العلم، وكان الملك من الآدميين قد لا يعلم أحوال أقصى ملكه كما يعلم أحوال أدناه لا سيما إذا كان واسعاً ولذلك يختل بعض أمره، اعلم أنه سبحانه بخلاف ذلك، فقال حثاً على مراقبته والإخلاص له :﴿وإن تجهر بالقول﴾ أي بهذا القرآن للبشارة والنذارة أو لغير ذلك أو بغيره، فإنه علام به وغير محتاج إلى الجهر، فلا يتكلف ذلك في غير ما أمرت بالجهر به لغرض غير الإسماع ﴿فإنه يعلم السر﴾ وهو ما يناجي به الاثنان مخافتة ﴿وأخفى﴾ من ذلك، وهو ما في الضمائر مما تخيلته الأفكار ولم يبرز إلى الخارج وغيره من الغيب الذي لم يعلمه غيره تعالى بوجه من الوجوه، ومنه ما سيكون من الضمائر.
ولما كان من هو بهذه الأوصاف من تمام العلم والقدرة ربما ظن أن له منازعاً، نفى ذلك بقوله معلماً أن هذا الظن باطل قطعاً لا شبهة له وأن ما مضى ينتج قطعاً :﴿الله﴾ مفتتحاً بالاسم الأعظم الحاوي لصفات الكبر وغيرها ﴿لا إله إلا هو﴾ ثم علل ذلك بقوله :﴿له﴾ أي وحده ﴿الأسماء الحسنى﴾ أي صفات الكمال التي لا يصح ولا يتصور أن يشوبها نقص ما، بل هو متصف بها دائماً اتصافاً حقيقياً لا يمكن انفكاكه، كما يكون لغيره من الاتصاف ببعض المحاسن في بعض الأحايين ثم يعجز عنه في وقت آخر أو بالنسبة إلى زمان آخر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ١٠﴾