قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر سبحانه الجنة المتضمن ذكرها للبعث، استدل على القدرة عليه بابتداء الخلق للإنسان، ثم لما هو أكبر منه من الأكوان، وما فيهما من المنافع، فلما ثبت ذلك شرع يهدد من استكبر عنه بإهلاك الماضين، وابتدأ بقصة نوح عليه الصلاة والسلام لأنه أول، ولأن نجاته كانت في الفلك المختوم به الآية التي قبله، وفي ذلك تذكير بنعمة النجاة فيه لأن الكل من نسله، فلما ثبت بالتهديد بإهلاك الماضين القدرة التامة بالاختيار، خوف العرب مثل ذلك العذاب، فلما تم زاجر الإنذار بالنقم شرع في الاستعطاف إلى الشكر بالنعم، بتمييز الإنسان على سائر الحيوان ونحو ذلك، ثم عاد إلى دلائل القدرة على البعث بالوحدانية والتنزه عن الشريك والولد - إلى آخرها، ثم ذكر في أول التي بعدها على ما ذكر هنا من صون الفروج، فذكر حكم من لم يصن فرجه وأتبعه ما يناسبه من توابعه.