قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين لهم أن فكرهم فيهم يكفيهم، ولاعتقاد البعث يعنيهم، أتبعه دليلاً آخر بالتذكير بخلق ما هو أكبر منهم، وبتدبيرهم بخلقه وخلق ما فيه من المنافع لاستبقائهم، فقال :﴿ولقد خلقنا قوقكم﴾ في جميع جهة الفوق في ارتفاع لا تدركونه حق الإدراك ﴿سبع﴾ ولإرادة التعظيم أضاف إلى جمع كثرة فقال :﴿طرائق﴾ أي سماوات لا تتغير عن حالتها التي دبرناها عليها إلى أن نريد، وبعضها فوق بعض متطابقة، وكل واحدة منها على طريقة تخصها، وفيها طرق لكواكبها ؛ قال الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه الواعي : سميت طرائق لأنها مطارقة بعضها في أثر بعض - انتهى.
وهذا من قولهم : فلان على طريقة - أي حالة - واحدة، وهذا مطراق هذا، أي تلوه ونظيره، وريش طراق - إذا كان بعضه فوق بعض.
وقال ابن القطاع : وأطرق جناح الطائر - أي مبنياً للمجهول : ألبس الريش الأعلى الأسفل.
وقال أبو عبيد الهروي : وأطرق جناح الطير - إذا وقعت ريشة على التي تحتها فألبستها، وفي ريشه طرق - إذا ركب بعضه بعضاً.
وقال الصغاني في مجمع البحرين : والطرق أيضاً بالتحريك في الريش أن يكون بعضها فوق بعض، وقال ابن الأثير في النهاية : طارق النعل - إذا صيرها طاقاً فوق طاق وركب بعضها على بعض، وفي القاموس : والطراق - ككتاب : كل خصفة يخصف بها النعل وتكون حذوها سواء وأن يقور جلد على مقدار الترس فيلزق بالترس، وقال القزاز : يقال : ترس مُطرَق - إذا جعل له ذلك، وقال الصغاني في المجمع : والمجان المطرقة التي يطرق بعضها على بعض كالنعل المطرقة - أي المخصوفة بعضها على بعض، ويقال : أطرقت بالجلد والعصب، أي ألبست، وقال أبو عبيد : طارق النعل - إذا صير خصفاً فوق خصف، وقال في الخصف : هو إطباق طاق على طاق، وأصل الخصف : الضم والجمع، وقال القزاز : وطارقت بين النعلين والثوبين : جعلت أحدهما فوق الآخر - انتهى.


الصفحة التالية
Icon