قوله تعالى ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الذي تمت كلمته فبهرت قدرته ( الرحمن ) الذي ظهرت الحقائق كلها بشمول رحمته ( الرحيم ) الذي شرف من اختاره بخدمته.
لما تقدم في التي قبلها تحريم الزنى والحث على الصيانة، وختم تلك الآية بذكر الجنة المتضمن للبعث، استدل عليه وذكر ما يتبعه من تهديد وعمل إلى أن فرغت السورة وأخبر في آخرها بتبكيت المعاندين يوم الندم بقوله ( ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ) [ المؤمنون : ١٠٥ ] وبقوله ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً ) [ المؤمنون : ١١٥ ] كل ذلك رحمة منه لخلقه ليرجع منهم من قضى بسعادته، ثم ختم بقوله ( وأنت خير الراحمين ) [ المؤمنون : ١١٨ ] فابتدأ سبحانه هذه السورة بأنه منَّ على المخاطبين ببيان ما خلقوا له من الأحكام لأنهم لم يخلقوا سدى، بل لتكاليف تعبدهم بها ترفع التنازع وتحسم مادة الشر، فتوجب الرحمة والعطف بسلامة الصدر بما فيهم من الجنسية، فقال مخبراً عن مبتدإ تقديره : هذه ( سورة ) أي عظيمة ؛


الصفحة التالية
Icon