قوله تعالى ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الذي له الحجة البالغة، لإحاطة عظمته، وشمول علمه وقدرته ( الرحمن ( الذي عم بنعمه الفرقان، أهلَ الإيمان والكفران ) الرحيم ) الذي خص من شاء من عباده بملابس الرضوان.
لما ختم سبحانه تلك بسعة الملك، وشمول العلم، وتعظيم الرسول، والتهديد لمن تجاوز الحد، افتتح هذه بمثل ذلك على وجه - مع كونه أضخم منه - هو برهان عليه فقال :
﴿تبارك﴾ أي ثبت ثبوتاً مع اليمن والخير الذي به سبقت الرحمة الغضب، والتعالي في الصفات والأفعال، فلا ثبوت يدانيه، ولا يكون ذلك كذلك إلا بتمام قدرته، ولا تتم قدرته إلا بشمول علمه، وهذا الفعل مطاوع " بارك " وهو مختص بالله تعالى لم يستعمل لغيره، ولذلك لم ينصرف لمستقبل ولا اسم فاعل ؛ ثم وصف نفسه الشريفة بما يدل على ذلك فقال :﴿الذي ﴾.


الصفحة التالية
Icon