قوله تعالى ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أتم سبحانه ما أراد من ذكر المنزل والمنزل، وأخبر عن طعنهم في المنزل الذي هو المقصود بالذات من الرسالة، وأقام تعالى ذلك الدليل على كذبهم، أتبعه الإخبار عن طعنهم في الرسول الآتي به، فقال معجباً عقولهم التي يعدونها أصفى العقول أفكاراً، وأعلاها آثاراً، فيما أبدوه من ذلك مما ظنوا أنه دليل على عدم الرسالة، ولا شيء منه يصلح أن يكون شبهة لذي مسكة من أمره، فضلاً عن أن يكون دليلاً :﴿وقالوا﴾ أي مستفهمين تهكماً بوصفه، قادحين فيه بفعله، قول من هو على ثقة من أن وصف الرسالة ينافيه :﴿مال هذا﴾ والإشارة على هذا الوجه تفهم الاستهانة والتصغير ؛ ثم أظهروا السخرية بقولهم :﴿الرسول﴾ أي الذي يزعم أنه انفرد عن بقية البشر في هذا الزمان بهذا الوصف العالي ﴿يأكل الطعام﴾ أي مثل ما نأكل ﴿ويمشي في الأسواق﴾ أي التي هي مطالب الدنيا، كما نمشي.


الصفحة التالية
Icon