قوله تعالى ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٤) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان التقدير قطعاً : فأن ربك لا يعجل على أهل المعاصي بالانتقام مع القطع بتمام قدرته، عطف عليه قوله :﴿وإن ربك﴾ أي المحسن إليك بالحلم عن أمتك وترك المعاجلة لهم بالعذاب على المعاصي ﴿لذو فضل﴾ أي تفضل وإنعام ﴿على الناس﴾ أي كافة ﴿ولكن أكثرهم لا يشكرون﴾ أي لا يوقعون الشكر له بما أنعم عليهم، ويزيدون في الجهل بالاستعجال.
ولما كان الإمهال قد يكون من الجهل بذنوب الأعداء، قال نافياً لذلك :﴿وإن ربك﴾ أي والحال أنه أشار بصفة الربوبية إلى إمهالهم إحساناً إليه وتشريفاً له ﴿ليعلم﴾ أي علماً لا يشبه علمكم بل هو في غاية الكشف لديه دقيقه وجليله ﴿ما تكن﴾ أي تضمر وتستر وتخفي ﴿صدورهم﴾ أي الناس كلهم فضلاً عن قومك ﴿وما يعلنون﴾ أي يظهرون من عداوتك فلا تخشهم، وذكر هذا القسم لأن التصريح أقر للنفس والمقام للأطناب، على أنه ربما كان في الإعلان لغط واختلاط أصوات يكون سبباً للخفاء.


الصفحة التالية
Icon