قوله تعالى ﴿ طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
﴿طسم﴾ مشيراً بالطاء المليحة بالطهر والطيب إلى خلاص بني إسرائيل بعد طول ابتلائهم المطهر لهم عظيم، وبالسين الرامزة إلى السمو والسنا والسيادة إلى أن ذلك يكون بمسموع من الوحي في ذي طوى من طور سيناء قديم، وبالميم المهيئة للملك والنعمة إلى قضاء من الملك الأعلى بذلك كله تام عميم.
ولما كانت هذه إشارات عالية، وما بعدها لزوم نظوم لأوضح الدلالات حاوية، قال مشيراً إلى عظمتها :﴿تلك﴾ أي الآيات العالمية الشأن ﴿آيات الكتاب﴾ أي المنزل على قلبك، الجامع لجميع المصالح الدنيوية والأخروية ﴿المبين﴾ أي الفاصل الكاشف الموضح المظهر، لأنه من عندنا من غير شك، ولكل ما يحتاج إليه من ذلك وغيره، عند من يجعله من شأنه ويتلقاه بقبول، ويلقي إليه السمع وهو شهيد ؛ ثم أقام الدليل على إبانته.


الصفحة التالية
Icon