قوله تعالى ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر تصرفه في الظرف وبعض المظروف من الإنس والجن، ذكر قهره للكل فقال :﴿وله﴾ أي وحده بالملك الأتم ﴿من في السماوات والأرض﴾ أي كلهم، وأشار إلى الملك بقوله :﴿كلٌّ له﴾ أي وحده.
ولما كان انقياد الجمع مستلزماً لانقياد الفرد دون عكسه جمع في قوله :﴿قانتون﴾ أي مخلصون في الانقياد ليس لأنفسهم ولا لمن سواه في الحقيقة والواقع تصرف بوجه ما إلا بإذنه، وقال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : مطيعون طاعة الإرادة وإن عصوا أمره في العبادة - نقله عنه البغوي وغيره ورجحه الطبري وهو معنى ما قلت.
ولما كان هذا معنى يشاهده كل أحد في نفسه مع ما جلى سبحانه من عرائس الآيات الماضيات، فوصل الأمر في الوضوح إلى حد عظيم قال :﴿وهو﴾ أي لا غيره ﴿الذي يبدأ الخلق﴾ أي على سبيل التجديد كما تشاهدون، وأشار إلى تعظيم الإعادة بأداة التراخي فقال :﴿ثم يعيده﴾ أي بعد أن يبيده.


الصفحة التالية
Icon