قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الذي مهما أراد كان ( الرحمن ) الذي سرت رحمته خلال الوجود، فشملت كل موجود، بالكرم والجود ( الرحيم ) لمن توكل عليه بالعطف إليه.
لما ختمت التي قبلها بالإعراض عن الكافرين، وانتظار ما يحكم به فيهم رب العالمين، بعد تحقيق أن تنزيل الكتاب من عند المدبر لهذا الخلق كله، والنهي عن الشك في لقائهع، افتتح هذه بالأمر بأسا ذلك، والنهي عن طاعة المخالفين مجاهرين كانوا أو متساترين، والأمر بإتباع الوحي الذي أعظمه الكتاب تنبيها على أن الإعراض إنما يكون طاعة لله مع مراعاة تقواه فقال :
فقال :﴿يا أيها النبي﴾ عبر بأداة التوسط إيماء إلى أن وقت نزول السورة - وهو آخر سنة خمس، غب وقعة الأحزاب - أوسط مدة ما بعد الهجرة إلاحة إلى أنه لم يبق من أمد كمال النصرة التي اقتضاها وصف النبوة الدال على الرفعة إلا القليل وعبر به لاقتضاء مقصود السورة مقام النبوة الذي هو بين الرب وعبده في تقريبه وإعلائه إلى جنابه إذا قرئ بغير همز، وإن قرئ به كان اللحظ إلى إنبائه بالخفي وتفصيله للجلي، وقال الحرالي في كتاب له في أصول الدين : حقيقة النبوة ورود غيب ظاهر أي من الحق بالوحي لخاص من الخلق، خفي عن العامة منهم، ثم قد يختص مقصد ذلك الوارد المقيم لذلك الواحد بذاته، فيكون نبياً غير رسول، وقد يرد عليه عند تمام أمره في ذاته موارد إقامة غيره فيصير رسولاً.