قوله تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر ما هو الأصل في نفاقهم وهو التكذيب، أتبعه ما تفرع عليه، ولما كان تخذيلهم بالترجيع مرة، عبر عنه بالماضي فقال :﴿وإذ قالت﴾ أنث الفعل إشارة إلى رخاوتهم وتأنثهم في الأقوال والأفعال ﴿طائفة منهم﴾ أي قوم كثير من موتى القلوب ومرضاها يطوف بعضهم ببعض :﴿يا أهل يثرب﴾ عدلوا عن الاسم - الذي وسمها به النبي ـ ﷺ ـ من المدينة وطيبة مع حسنه - إلى الاسم الذي كانت تدعى به قديماً مع احتمال قبحه باشتقاقه من الثرب الذي هو اللوم والتعنيف إظهاراً للعدول عن الإسلام قال في الجمع بين العباب والمحكم : ثرب عليه ثرباً وأثرب، بمعنى ثرب تثريباً - إذا لامه وعيّره بذنبه وذكره به.