قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كانت هذه الآيات وما قبلها وما بعدها في إظهار شرف النبي ـ ﷺ ـ وبيان مناقبه، علل الأوامر فيها والنواهي وغيرها بقوله، مؤكداً لاقتضاء الحال ذلك أما ممن آذاه بالجلوس في غير حينه فواضح، وأما غيره فكان من حقهم أن لا يفارقوا المجلس حتى يعلموا من لا يعرف الأدب، فكان تهاونهم في ذلك فعل من لا يريد إظهار شرفه ـ ﷺ ـ فهو تأديب وترهيب :﴿إن الله﴾ أي وعملكم محيط بأن له مجامع الكبر والعظمة والعز ﴿وملائكته﴾ أي وهم أهل النزاهة والقرب والعصمة.
ولما كان سبحانه قد قدم قوله :﴿هو الذي يصلي عليكم وملائكته﴾ فأفرد كلاً بخبر، وكان النبي ـ ﷺ ـ أعلى المخاطبين حظاً فإنه رأس المؤمنين، أفرده هنا بهذه الصلاة التي جمع فيها الملائكة الكرام معه سبحانه وجعل الخبر عنهم خبراً واحداً ليكون أتم، فإن قولك : فلان وفلان ينصران فلاناً، أضخم من قولك : فلان ينصره وفلان، فقال تعالى :﴿يصلون على النبي﴾ أي يظهرون شرفه وما له من الوصلة بالملك الأعظم بما يوحيه الله إليه من عجائب الخلق والأمر من عالم الغيب والشهادة، وهو معنى قول ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ كما رواه البخاري :" يبركون ".


الصفحة التالية
Icon