قوله تعالى ﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أتم سبحانه القسم الأول القلبي السوائي المولي من الثلاثة بقسميه، وذكر في جزائه مما لأصحاب المدن ما لا يمكنهم الوصول إليه، عطف عليه الثاني الذي هو دونه لذلك وهم والله أعلم الأبرار وهم أيضاً صنفان، وذكر في جزائهم من جنس ما لأهل البوادي أنهى ما يتصورونه ويتمنونه فقال :﴿وأصحاب اليمين﴾ ثم فخم أمرهم وأعلى مدحهم لتعظيم جزائهم، والإشارة إلى أنهم أهل لأن يسأل عن حالهم فإنهم في غاية الإعجاب فقال :﴿ما أصحاب اليمين﴾ ولما عبر عنهم بما أفهم أنهم أولو القوة والجد في الأعمال، والبركة في جمع الأحوال، ذكر عشيهم بادئاً بالفاكهة لأن عيش الجنة كله تفكه، ذاكراً منها ما ينبت في بلاد العرب من غير كلفة بغرس ولا خدمة، وأشار إلى كثرة ما يذكره بأن جعله ظرفهم، فقال من غير ذكر لسرير الملك الذي حبا به المقربين من الملك، ولم يزد على ذلك المأكول وما معه بما يتصور للبهائم :﴿في سدر﴾ أي شجر نبق متدلي الأغصان من شدة حمله، من سدر الشعر - إذا سدله ﴿مخضود﴾ أي هو مع أنه لا شوك له ولا عجم بحيث تنثني أغصانه من شدة الحمل، من خضد الشوك : قطعه، والغصن : ثناه وهو رطب، وفي ذكر هذا تنبيه على أن كل ما لا نفع فيه أو فيه نوع أذى له في الجنة وجود كريم لأن الجنة إنما خلقت للنعيم.