قوله تعالى ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر سبحانه حال الفريقين : الأشقياء والسعداء، فتقرر بذلك أمر الآخرة، فعلموا أنها الحيوان الذي لا انقضاء له من إكرام أو هوان، وكان الموجب للهوان فيها إنما هو الإقبال على الدنيا لحضورها ونسيان الآخرة لغيابها، قال منتجاً مما مضى مبيناً لحقيقة ما يرغب فيه المكلف المركب على الشهوة من العاجلة بما نزهه فيه مصدّراً له بما يوجب غاية اليقظة والحضور :﴿اعلموا﴾ أي أيها العباد المبتلون، وأكد المعنى بزيادة ﴿ما﴾ لما للناس من الغفلة عنه فقال قاصراً قصر قلب :﴿إنما الحيوة الدنيا﴾ أي الحاضرة التي رغبت في الزهد فيها والخروج عنها بالصدقة والقرض الحسن ﴿لعب﴾ أي تعب لا ثمرة له فهو باطل كلعب الصبيان ﴿ولهو﴾ أي شيء يفرح الإنسان به فيلهيه ويشغله عما يعنيه ثم ينقضي كلهو الفتيان، ثم أتبع ذلك عظم ما يلهي في الدنيا فقال :﴿وزينة﴾ أي شيء يبهج العين ويسر النفس كزينة النسوان، وأتبعها ثمرتها فقال :﴿وتفاخر﴾ أي كتفاخر الأقران يفتخر بعضهم على بعض.


الصفحة التالية
Icon